كثير من الأمهات ينسين أو يتناسين دوراً شديد الأهمية في سياق تربية الطفل، وهو الدور الخاص بغرس مفاهيم التوقير والإحترام والتقدير لشخص الأب في نفس الطفل وعقله وقلبه، على الرغم من أن هذا الدور يخدم العملية التربوية للطفل ويجعله متسقاً مع نفسه مدركاً لمكانة الأب في حياته.
والأم التي تريد بالفعل أن تبني شخصية طفلها بصورة سليمة يجب عليها ألا تهمل هذا الجانب وتبدأ فيه مع طفلها منذ نعومة أظفاره، فالطفل يتلقى الصور الذهنية عن كل شيء حوله في الحياة من خلال كلمات والدته وآرائها وتعليقاتها ونظرتها.
الأم التي لا تراعي أن طفلها يبدأ تشكيل وجهات نظره وإنطباعاته عن الدنيا والناس والحياة من حوله عبر شخصيتها هي وسلوكها، هي أم لا تستحق أن تدعي في يوم من الأيام أنها قامت بالتربية، لأن التربية ليست فقط مجرد أداء الواجبات المدرسية مع الطفل وإعداد الطعام له ونهره على الأخطاء التي يرتكبها بشكل عفوي، وإنما تربية الأم لطفلها يكمن في شعورها بالممسؤولية عن تشكيل وجهات نظره وبناء شخصيته من خلال وضع حجر الأساس لهذه الشخصية بإفهامه القواعد الأخلاقية الأساسية وتعليمه مكارم الأخلاق وضوابط البر والطيبة وحب الخير.
ولا يمكن إغفال أهمية تعزيز مكانة الأب واحترامه وتقديره في نفس الطفل في بداية حياته، ويجب على الأم أن تبدأ بالتدريج في إعلام طفلها بعظيم مكانة والده في حياته، وتركز بشكل مستمر على أن هذا الإنسان هو مصدر الرعاية والحماية والأمان للأسرة كما أنه الرجل الذي يسخر أيامه وسنوات عمره من أجل توفير الحياة الكريمة لأسرته.
ويجب على الأم أن تحاول بشكل مستمر التأكيد على طفلها فيما يتعلق بضرورة إحترام الأب والخوف منه مع حبه ولن تستطيع أن تنجح في هذه المهمة إلا من خلال أن تكتسب هي في البداية محبة طفلها وتقديره لها من خلال حرصها على تفقد مشاعره وإنفعالاته وتحس بآلامه وهمومه وتشاركه فرحته ومرحه قدر إستطاعتها.
ومن أهم الأسباب التي تساعد الأم على تعزيز مكانة وإحترام الأب في عين وقلب طفلها، أن تحرص هي كل الحرص في تعاملها مع الأب على أن تكون شديدة التهذيب، حيث إنه من غير المتصور أن ينشأ طفل يؤمن بإحترام والده وتقديره بينما هو يرى والدته ليل نهار تنهر هذا الأب وتفتعل معه الجدال في كل صغيرة وكبيرة وتتعمد إستفزازه ولا تمتثل لأمره وتشعر أنها قادرة على مناطحته في كل الأمور الحياتية، ففي هذه الحالة لن يكون هناك أي رصيد من الاحترام والتقدير والمهابة في نفس هذا الطفل تجاه والده.
إهتمامك كأم بغرس الوازع الديني في عقل ووجدان طفلك منذ الصغر سيكون من أهم الأسباب والعوامل التي تضمن أن يكون إنساناً يحترم والده في المستقبل إحتراماً حقيقياً نابعاً من صميم وجدانه، وذلك بغض النظر عن مواقف الحياة وتطوراتها.
المصدر: موقع رسالة المراة.